إلى الغائبة التي لا تغيب ، وإلى الراحلة التي لم ترحل ، إلى زوجتي رحمها
الله : أهديها تلك الخاطرة عندما اكتأبت السماء ، وبدأ أول هطول قطرات
الغيث ؛ لأتذكّرها ، وهي تشاركني جنون طفولتي التي لا تفارقني عندما تبدأ
أوّل قطرات الغيث
--------------------------------------
سلوى والشتاء : بقلم وألوان : خالد سليمان
************************************************
دقّت قطرتان من قطرات الغيث زجاج شرفتي ، فأنا صديق الغيث وصديق العصافير
فأسرعت أضمّ جناحي إليّ من السرور ؛ كي لا أطير في أمواج رمادية
تسافر عيناي في التفاصيل : فالسماء ارتدت ثيابها الضبابيّة ،
ولوّنت ثيابها بالفاتح والداكن منه والحالك أحيانا
وظهر قوس المطر ليربط ضفائر شعر السماء في أناقة ووسامة
وبدأت شفاه الأرض تبتسم بفرحة اللقاء ، وتمتلئ خدود الأرض بضحكات صاخبة
أتطلّع من نافذتي على لوحة أبدعها بديع السموات والأرض
قطرات الغيث تندفع بقوّة إلى المكان الذي قدّرها له البديع
وتداعب شفتي قطرة ارتطمت برخام الشرفة ، فبدأت أمتصّها ؛ لأشعر أنّها هدية من الله إليّ
وتتجوّل عيناي في السحاب المسافر
وأتذكّر مخلوقات الله العطشى ، وأتخيّل أنّ كلّ قطرة مسافرة لفم ينتظرها ؛ لتروي عطشه
وأسافر مع سحابة شابة بدت مسرعة ؛ لتتفوّق على قطيع من السحب الرمادية
أسافر معها ، وأنظر للأرض من تحتي يا لضآلة جبالها ما أقلّها !!
وها هو الغيث غطّى كلّ شيء فقد بسط زجاجه على كلّ شيء
وأنظر بانكسار إلى كتفي ، وأتذكرك يا حبيبتي ، وأنت تضعين رأسك على كتفي وتهمسين : اللهم لنا لا علينا ، وتمدين أصابع من ضوء ؛ لتلتقطي لآلئ غيث أفلتت من أكفّ السماء
وتمسحين ملامحك الوسيمة بها وتقولين : ماء قريب عهد بالله ،
كما كان يفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين تداعب وجهه قطرات الغيث
وأقلّدك كطفل يحاكي فعل أمّه ،
وتلتقي أصابعنا ، وحين ألمس أناملك يا حبيتي ؛ تضيء أصابعي من لآلئ مضاءة دائما
ونتسابق لاصطياد القطرات الشاردة ، ولسانك يلهج بحمد الله وتسبيحه
ثمّ أستمع إلى دعوات جميلة منك أن يكون الله في عون من لا مأوى لهم ،
ومن أغرق الغيث أسطح منازلهم فسبحوا في بحار من حزن واسى
وتختفين عن لحظتين ؛ لتحضري لي كوفيتي ،
وتبدعين في أمومتك وتتأكدين أنّ طفلك الحبيب قد غاص في بحار من الدفء ،
ويفلت إصبعك الحاني ؛ ليلمس عنقي ؛
فأضيء أضيء من الفرح
وتختفين لحظتين ؛ لتعودي بكأس من الشاي بالنعناع مشروبي المفضل
ويغنّي النعناع في يديك ، وتزغرد الكأس مبتهجة ؛ فقد داعبتها أناملك
وها هو صوتك الحاني يسافر في سماء قلبي : تفضّل تفضّل حتى تتذكّرني
ويطير قلبي من الفرح ، فأصابعي تحتضن دفء الدنيا من حنان حروفك ، فما أجملك !
وتضعين رأسك على كتفي ؛ فأترك الدنيا وأرى ملامح القمر على كتفي
وأرى نخيل رموشك قد اصطفّ بأناقة رقيقة
وألمح عينيك ملأى بأمواج العسل المبتهج
وحين تلسعنا برودة المكان تنامين على كتفي ، وتهمسين :
هيا لندخل خوفا من موجة برد تصيبنا
فندخل ، وقدّ غطى اللون الرمادي كلّ شيء
الآن ، يا حبيبتي يمطر قلبي حزنا عليك
أقف في شرفتي وأرقب الغيث يسافر في كلّ اتّجاه
وأنظر إلى كتفي وقد خلا من ملامحك الوسيمة
وأنظر أكثر ربّما تأتين ؛ فأرى الباب موصدا خلفي يالانكساري وحزني
أتأمّل المكان أكثر ، وتسافر عيناي في المكان : كانت هنا وهنا وهنا
وقفت هنا ، وأسندت رأسها على كتفي هنا
كانت تقول كذا وكذا ، وابتسمت هنا ، وانكسر صوتها حزنا على البسطاء والمطاردين ولا أنسى دعاءها : اللهم الطف بعبادك يارب
حبيبتي ، الآن تنتظرني أنياب البرد ، وتفترسني أنياب الوحدة بعدك
وما أحزنني أنّ اللون لا لون له والطعم لا طعم له والعبير لا رائحة له بعدك
الآن يا حبيبتي أدركت سرّ قولك وأنت تقدّمين كأس الشاي : تفضّل تفضّل حتى تتذكّرني
لم أنتبه لسرّ حروفك إلا الآن
النعناع يبكي غيابك وكأس الشاي اكتأبت لفراق أناملك
يبكيك هنا كلّ شيء ، حتى الغيث لم يعد يزورني
صرت وحيدا وحيدا
اللهم أقرئها من السلام يارب
اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها
اللهم اجمعني بها على حوض نبيّك محمد صلّى الله عليه وسلّم
يارب يارب يارب اللهم إنها لو كانت ضيفتي لأكرمتها على قدر كرمي ، وهي الآن ضيفتك ، جاءت إلى رحابك فأكرم نزلها وأكرمها بكرمك يا كريم
يارب يارب يارب اجعل قبرها روضة تغار منها رياض الجنة يا كريم
واجعل قبرها روضة تشتاق إليه الجنات من حسنه وجماله ونعيمه يارب يارب يارب
ارزقني الصبر بعدها فقد سكنت قلبي ويعزّ عليّ فراقها ،
فهوّن فراقها عليّ يارب يارب يارب
أرجو من الله أن تصلك كلماتي فقد خرجت من قلبي إليك يا سيّدة الحضور ،
لن يكون غيابك فراقا ، بل إلى موعد اللقاء في الجنّة بعفوك وكرمك يارب العالمين
--------------------------------------
سلوى والشتاء : بقلم وألوان : خالد سليمان
************************************************
دقّت قطرتان من قطرات الغيث زجاج شرفتي ، فأنا صديق الغيث وصديق العصافير
فأسرعت أضمّ جناحي إليّ من السرور ؛ كي لا أطير في أمواج رمادية
تسافر عيناي في التفاصيل : فالسماء ارتدت ثيابها الضبابيّة ،
ولوّنت ثيابها بالفاتح والداكن منه والحالك أحيانا
وظهر قوس المطر ليربط ضفائر شعر السماء في أناقة ووسامة
وبدأت شفاه الأرض تبتسم بفرحة اللقاء ، وتمتلئ خدود الأرض بضحكات صاخبة
أتطلّع من نافذتي على لوحة أبدعها بديع السموات والأرض
قطرات الغيث تندفع بقوّة إلى المكان الذي قدّرها له البديع
وتداعب شفتي قطرة ارتطمت برخام الشرفة ، فبدأت أمتصّها ؛ لأشعر أنّها هدية من الله إليّ
وتتجوّل عيناي في السحاب المسافر
وأتذكّر مخلوقات الله العطشى ، وأتخيّل أنّ كلّ قطرة مسافرة لفم ينتظرها ؛ لتروي عطشه
وأسافر مع سحابة شابة بدت مسرعة ؛ لتتفوّق على قطيع من السحب الرمادية
أسافر معها ، وأنظر للأرض من تحتي يا لضآلة جبالها ما أقلّها !!
وها هو الغيث غطّى كلّ شيء فقد بسط زجاجه على كلّ شيء
وأنظر بانكسار إلى كتفي ، وأتذكرك يا حبيبتي ، وأنت تضعين رأسك على كتفي وتهمسين : اللهم لنا لا علينا ، وتمدين أصابع من ضوء ؛ لتلتقطي لآلئ غيث أفلتت من أكفّ السماء
وتمسحين ملامحك الوسيمة بها وتقولين : ماء قريب عهد بالله ،
كما كان يفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين تداعب وجهه قطرات الغيث
وأقلّدك كطفل يحاكي فعل أمّه ،
وتلتقي أصابعنا ، وحين ألمس أناملك يا حبيتي ؛ تضيء أصابعي من لآلئ مضاءة دائما
ونتسابق لاصطياد القطرات الشاردة ، ولسانك يلهج بحمد الله وتسبيحه
ثمّ أستمع إلى دعوات جميلة منك أن يكون الله في عون من لا مأوى لهم ،
ومن أغرق الغيث أسطح منازلهم فسبحوا في بحار من حزن واسى
وتختفين عن لحظتين ؛ لتحضري لي كوفيتي ،
وتبدعين في أمومتك وتتأكدين أنّ طفلك الحبيب قد غاص في بحار من الدفء ،
ويفلت إصبعك الحاني ؛ ليلمس عنقي ؛
فأضيء أضيء من الفرح
وتختفين لحظتين ؛ لتعودي بكأس من الشاي بالنعناع مشروبي المفضل
ويغنّي النعناع في يديك ، وتزغرد الكأس مبتهجة ؛ فقد داعبتها أناملك
وها هو صوتك الحاني يسافر في سماء قلبي : تفضّل تفضّل حتى تتذكّرني
ويطير قلبي من الفرح ، فأصابعي تحتضن دفء الدنيا من حنان حروفك ، فما أجملك !
وتضعين رأسك على كتفي ؛ فأترك الدنيا وأرى ملامح القمر على كتفي
وأرى نخيل رموشك قد اصطفّ بأناقة رقيقة
وألمح عينيك ملأى بأمواج العسل المبتهج
وحين تلسعنا برودة المكان تنامين على كتفي ، وتهمسين :
هيا لندخل خوفا من موجة برد تصيبنا
فندخل ، وقدّ غطى اللون الرمادي كلّ شيء
الآن ، يا حبيبتي يمطر قلبي حزنا عليك
أقف في شرفتي وأرقب الغيث يسافر في كلّ اتّجاه
وأنظر إلى كتفي وقد خلا من ملامحك الوسيمة
وأنظر أكثر ربّما تأتين ؛ فأرى الباب موصدا خلفي يالانكساري وحزني
أتأمّل المكان أكثر ، وتسافر عيناي في المكان : كانت هنا وهنا وهنا
وقفت هنا ، وأسندت رأسها على كتفي هنا
كانت تقول كذا وكذا ، وابتسمت هنا ، وانكسر صوتها حزنا على البسطاء والمطاردين ولا أنسى دعاءها : اللهم الطف بعبادك يارب
حبيبتي ، الآن تنتظرني أنياب البرد ، وتفترسني أنياب الوحدة بعدك
وما أحزنني أنّ اللون لا لون له والطعم لا طعم له والعبير لا رائحة له بعدك
الآن يا حبيبتي أدركت سرّ قولك وأنت تقدّمين كأس الشاي : تفضّل تفضّل حتى تتذكّرني
لم أنتبه لسرّ حروفك إلا الآن
النعناع يبكي غيابك وكأس الشاي اكتأبت لفراق أناملك
يبكيك هنا كلّ شيء ، حتى الغيث لم يعد يزورني
صرت وحيدا وحيدا
اللهم أقرئها من السلام يارب
اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها
اللهم اجمعني بها على حوض نبيّك محمد صلّى الله عليه وسلّم
يارب يارب يارب اللهم إنها لو كانت ضيفتي لأكرمتها على قدر كرمي ، وهي الآن ضيفتك ، جاءت إلى رحابك فأكرم نزلها وأكرمها بكرمك يا كريم
يارب يارب يارب اجعل قبرها روضة تغار منها رياض الجنة يا كريم
واجعل قبرها روضة تشتاق إليه الجنات من حسنه وجماله ونعيمه يارب يارب يارب
ارزقني الصبر بعدها فقد سكنت قلبي ويعزّ عليّ فراقها ،
فهوّن فراقها عليّ يارب يارب يارب
أرجو من الله أن تصلك كلماتي فقد خرجت من قلبي إليك يا سيّدة الحضور ،
لن يكون غيابك فراقا ، بل إلى موعد اللقاء في الجنّة بعفوك وكرمك يارب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق