الأربعاء، 17 يناير 2018

انثى ماكرة ! / بقلم الشاعر حسين ابو الهيجاء

_ انثى ماكرة !  _
بقلم الشاعر / حسين ابو الهيجاء

.. و دائماً الجأُ الى البحر .. !
ربما الجمر المشتعل في اعماقي .. هو ما يدفعني الى البحر ! 
و ربما عيناكِ الماكرتان كانتا بحراً ..
فاهرب منهما لالجأَ اليهما ، و اغرق فيهما .. !

و هروبي دائرةٌ بلا محيط .. ، تماما كعينيكِ ..
اتعبُ من فراري منهما ،، اتعب .. ، و عيناكِ ماكرتان
لا تتعبان ابداً .. لا تتعبان ابدا .. !

في اللقاء الاخير ، خلفَ سِتارةِ الشُرفة المفتوحةِ على الليل ،، قُرب مَوقد التوهّج .. ، مددتِ اليَّ سيجارةً من النوع " الفاخر " بالنسبة لرجلٍ ضالٍّ مثلي ..
اشعلتُها من جمر وجنتيكِ 
و وضعتِ سيجارةً اخرى بين حبتين من الكرزِ الاحمرِ المكتنزِ بالعسل ، اسفلَ انفكِ المُدبب ..
اشعلتيها من جمر شفتيّ .. فاحترقنا معاً .. !

في لحظةِ الانصهارِ تلك ، تَوهّجَ المَوقدُ ، و تصاعدَ السنةً من لهيبٍ .. ، كأننا سكَبنا عليه من نبيذِ عناقنا .. 
فتصاعدَ اشتعالاً من شَبَق .. !

نظرتُكِ الماكرة مرةً اخرى ،،
نظرتكِ الماكرة جدا ..
تعودين بي من خلالِها ، الى اللقاءِ الاول :
كان لقاءً خريفياً .. ، صيفياً .. ، ماطراً .. !
كان ربيعياً بامتياز 
عرفتُ فيه لَونَ الوردِ للمرةِ الاولى ، عرفتُ كيف ينمو الياسمينُ على خاصرةٍ حريريةٍ ، فتصيرُ المرأةُ انثى .. !

في اللقاء الاول ، انتظرتُكِ لمدةٍٍ تزيدُ عن علبةِ سجائرٍ من النوع الرديء ، بالنسبة لاميرةٍ مثلك ... !
كنتِ تقتربين من مقعدي في حديقةٍ ، تخلو من الدنيا ..
إلاّ من وجهكِ ، و الجمرِ في اعماقي .. !

كنتِ تضعين سيجارتَكِ بطريقةٍ احترافيةٍ ، بين سُبّابتكِ و الوسطى ..
رأيتُكِ تفرُكينَ رأسَكِ باصابعٍ مُخمليةٍ ، و تنظرينَ اليّ من زاويةِ عينكِ اليُسرى بتساؤلٍ و استغراب : 
- هل انتَ مُدخّن ! .. ، لا اذكر اني رأيتكَ تُعاشر السجائرَ من قبل .. !?

كم انتِ ماكرة سيدتي .. ، كم انت ماكرة
انتِ لا تعرفين بعد ، كثافةَ السُحُب التي تصاعدَتْ من سجائري ، و لوّثتُ بها فضاء الكون ، و انا اطاردُ طيفكِ ، مُنذُ مِليون سيجارةٍ احترَقَتْ .. ! ، دون ان اعرف انكِ كنتِ تراقبين احتراقي منذ فصول .. !
و انتِ لا تعرفين الآن ، عددَ السجائرِ التي مَججتُها هروباً من عينيكِ .. ، و لا تعرفين شكوى البحر ، من حريق الجمرِ ، الذي اَرجُمهُ به من نارِ رحيلِكِ .. !!
ماكرةٌ جداً حتى في رحيلِكِ الابديّ سيدتي ،،
فلم تتركي لي غير نافذتي ، وهذا الليلُ الممتدُ مع رحيلكِ ، و حصار عينيك الابديّ ..…… و اشتعالي !

حتى البحر ، لا تُسعفه امواجُهُ لإطفاء حرائقي .. !
عطشُ السراب .. عطش السراب 
و انتِ توأمُ السراب .. 
كنتِ تقودين سِرباً من وهمِ فتياتٍ ، اكتشفنَ انوثتهُنَ ، مع اولِ رجفة ٍ لِ نَهدٍ تكوّرَ فجأة .. !

وانا احترقُ بالسراب و العطش ..
و احترقُ باكتشاف فيزياء العِشق ..
احترقُ في محاولاتي العَصيّةِ ، لفهم معادلاتكِ الشهية ،، و احترقُ في اكتشافِ مفاتيحَ انثى الياسمين !

عرفتُ كيف تخذُلُني علومُ الهندسةِ ، عندما كنتِ ترسمين مُثلثاً عند زاويةِ فمِكِ ، بما يبدو اعتذاراً غير مباشرٍ ، من كبرياءٍ فاخرِ السجائرِ .. ، 
فارتبكُ حدَّ البُكاء !

عرفتُ كيف يسقطُ عِلمُ الرياضياتِ ، كلما اقتربتُ من وجهكِ ، و بدأتُ بتعدادِ شفتيكِ : واحدة .. اثنتان .. 
ثم تسقطُ المعادلة .. !!
تسقطُ المعادلةُ ، و اسقُطُ مَغشياً في فخِّ نبيذِهما !!

عرفتُ كيف اعشقُ امرأةً ثُلاثية التكوين :
امرأةً من : انثى .. و شفتين !!
من : انثى .. و شفتين !!

و اعرفُ .. ان البحرَ يفشلُ باطفاء حريقي ..
و اجهلُ .. تفاصيلَ رحيلكِ الابديّ ..
و اجهلُ .. لماذا تُطاردُني عيناك ِ !
و اعرفُ .. اني وحيدٌ الآن .. وحيد ..
فقط .. 
انا ..
و الليلُ الممتد من نافذتي الى الابد .. !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((((أكتب ياقلم)))) بقلم الشاعر المتألق: الحاج خالد الجاف *************** يأيها القلم كتبت الكثيرعن الأُمم وكتبت عن البشر كل كبيرة ...